300 يوم سعادة بالتمام والكمال مروا على هنا
وباسم بعد تلك اللحظة العصيبة التى فقدت فيها وعيها ، فقد تحول هذا التاريخ فى
حياة هنا لبداية جديدة كأنها ولدت فى هذا اليوم ، فتلك النظرة الملتاعة وفيض الحب
والحنان الذى غمرها به باسم فور ان افاقت كان لا يمكن التعبير عنه ، أقسمت لها
بسمة فيما بعد انها رأت شلالا من الدموع ينهال فى صمت من عينى باسم ، توقف الكون
عن الدوران بالنسبة له فى تلك اللحظة حتى عادت هنا للحياة من جديد ...
وحده
فك قيودها ووحده نزع الابرمن أماكنها وتقسم بسمة انها رأته يتألم مع كل إبرة
ينتزعها كأنها يغرسها فى جسده هو ووحده
حملها الى الحمام ووحده خلصها مما ملأ به معدتها ، ووحده وضعها تحت المياه الجارية
ووحده منحها قبل الحياة ، طوال هذه
المعاناة لم تفر دمعة واحدة من عينيه ، لكن الشلال انهمر فور أن استعادت وعيها ...
لم يتوقف طوال الوقت عن ترديد اسمها من وسط دموعه ، وطوال ساعة كاملة ارقدها
خلالها على فراشه داوى ألامها وجروحها بعناية فائقة ، ووووو ..... بحبك
نطقها فور ان عادت عيناها للحياة تملأن
الدنيا نورا وأملا واشراقا ... قالها لتكون إشارة بدء 300 يوما من السعادة
كل من رأى هنا خلال تلك الفترة أقسم انه
يراها للمرة الأولى ، عيون تشع بهجة وسعادة ، حياة تغيرت رأسا على عقب ،
تلك الطفلة المدللة اقتحمت مجالات لم تخطر
ببالها يوما ، للمرة الأولى فى حياتها واظبت على العمل ، بل وطورت من امكاناتها ،
كانت تملك ما يكفى لتبدأ عملها الخاص ، لكن باسم أصر على ان تكتسب خبرة عملية
قبلها ،، طافت معه كل شبر فى مصر ، اقتحمت معه عوالم لم تراها ولم تدرك وجودها من
قبل ، استنشقت معه هواء الحياة ...
كل هذا كان جانبا يسير بالتوازى مع مواصلة
تدريباتها السادية ، اكتشفت معه ان ما تعرفه عن هذا العالم كان وهما خالصا ،
فالحياة معه كانت تختلف ، فى يوم كامل يمكنك ان ترى هنا تضحك بأعلى صوتها ، وتبكى
كما فقد عزيزا غاليا ، وتتألم كمن يتعرض لتعذيب محترفا ، لكنها فى نهاية اليوم
تنام وقد تطهرت روحها تماما ، تنام كطفلة بريئة ارهقت والدها لعبا وجدالا وصخبا ،
كانت فى عملها رجلا يعتمد عليه ، وفى منزلها
سيدة تعرف كيف تهتم بشئونها وشئون من يعيشون معها ، وبين اصدقائها تحولت الى
الحكيمة الناضجة التى خبرت الحياة جيدا ، وبين يديه .... طفلة وجارية وحبيبة تخشى
غضبه وترتعب لعقابه وتنتظر لحظة ان ترتمى بين ذراعيه فى نهاية اليوم ..
لن يصدق أحدا ان هنا التى كانت فاشلة فى
اعداد قدحا من الشاى قد اعدت بنفسها كعكة الاحتفال بمرور 300 يوما على هذا اليوم ،
وفى مكانهم المفضل اجتمع الأصدقاء الذين نجح باسم فى دمجهم سويا ، ما بين اصدقائه
وأصدقاء هنا وعلى رأسهم بسمة بالطبع ، مجموعة صغيرة لكنها فى تمام التجانس ، شهدوا
على ميلاد تلك الفتاة دون ان يعلموا شيئا عما يدور بعيدا عن عيونهم بأستثناء بسمة
التى شهدت تفاصيل الشرارة الأولى بكل تفاصيلها تقريبا ،،
العجيب ان فى هذا اليوم أصر باسم ان ينتهى
الاحتفال فى الثامنة مساءا ، رغم ان هنا كانت تتوق لأن تواصل الاحتفال حتى ساعة متأخرة
،، لكنها وكالعادة استجابت لأمره ، وان لم تخفى علامات الأسى على وجهها وهى تصعد
الى سيارته فى طريقها للمنزل ، الأعجب ان باسم قد تجاهل هذا تماما وهو يطلق صفيرا
منغما على خلفية موسيقى هادئة تنطلق من مذياع السيارة ، الذى لم يختفى سوى وهو
يجرى مكالمة قصيرة لم تفهم منها هنا شيئا وكل ما قاله هو " تمام ، مواعيدك
مظبوطة ، تسلم ربنا يخليك "
أما العجب العجاب فكان عندما تخطى باسم
المكان المعتاد الذى يتوقف فيه بالسيارة على مسافة قليلة من منزلها ، فقد واصل
طريقه حتى باب البناية نفسها ،، وبجملة التعجب ومعالم الاندهاش على وجهها ، ترجل
باسم من السيارة وهو يلتقط سترته ويرتديها فى عناية ، وهو يغلق سيارته وسط عيونها
الذاهلة وكلماتها المتوترة " هو فى ايه ، حضرتك رايح فين "
لم يجب وهو يتقدم الى باب البناية ويدعوها
للدخول ، خطف لبها تلك الورود التى أحاطت بمدخل البناية والتى صعدت معها درجات
السلم الصغير الذى يقود الى الطابق الأول حيث مسكنها ، وعند الباب كانت تلك الورود
ترسم قوسا كاملا وكأنها بابا جديدا اضيف لباب الشقة ، كادت تتعلق بعنقه من شدة
الفرح وقد ادركت انه اراد ان يحتفل بها بطريقة مختلفة تماما ، ولكن من اين اتت تلك
الخطوة الجريئة وكيف ستفسرها لوالدتها ، لم ينتظر باسم ان تتطول تلك التساؤلات وهو
يدق جرس الباب ويعتدل فى وقفته وكأنه يهم بالدخول ، اما هى فقد سقط قلبها فى
اقدامها " هو سيدى اتجنن ، هو بيعمل ايه ، رايح فين الراجل ده " ، قاطع
افكارها صوت الباب وهو يفتح ووالدتها تستقبلها بابتسامة هادئة وهى تنقل بصرها
بينها وبين باسم قبل ان تتأمل كل تلك الورود التى حولت منزلهم الى جنة تحيطها
الورود من كل مكان ، ووسط دهشة هنا " افسحت والدتها الباب وهى تدعوهم للدخول
وهى تخاطب باسم قائلة " ايه ده كله ، انت اشتريت محل ورد بحاله ،
انت بتأثر عليا ولا عليها "
ابتسم باسم قائلا " بصراحة عليكم انتم
الاتنين يا فندم "
لم تفهم هنا ولم تستوعب سوى ان باسم ووالدتها
يبدو انهما يعرفان بعضهما ويتبادلان حديث الاصدقاء ، وعلت وجهها نظرة اشبة بنظرة
البلهاء خاصة وهى تتابع تحريك رأسها بينهما كمن يتابع مباراة سريعة فى تنس الطاولة
.
" هو فى ايه " ، نطقتها هنا فى
حيرة حقيقية قبل ان توقفها نظرة حادة من والدتها التى قالت " فى انك ما
سألتيش الضيف يشرب ايه لغاية دلوقتى "
قامت هنا على الفور وهى تتجه للمطبخ لتعد
لسيدها قدح القهوة كما تعلمت طوال الايام الماضية ، اما والدتها فقد استوقفتها
بصوت عال " رايحة فين يا بنتى ، هو انتى سألتيه يحب يشرب أيه " ، قبل ان
تتابع بضحكة خبيثة " ولا انتى عارفه هو بيحب يشرب أيه " ، تدرج وجه هنا
بحمرة الخجل قبل ان تعود ادراجها وتقف امام باسم فى انتظار ما يطلبه ، وقد اشفق
عليها وهو يقول " هاشرب قهوة مظبوط يا هنا "
اندفعت للمطبخ اما والدتها فقد عدلت من وضعها
وهى تضع ساقا على ساق وهى تقول " استاذ باسم ، هو انا سمعت غلط ولا ايه ،
بنتى اسمها حنين ، مين هنا دى " ، اعتدل باسم وهو يقول " هنا اسمها
الحركى يا هانم ، وانفجر ضاحكا وهو يقول " اقصد اسم الدلع "
وتابع " انا جى عشان اطلب ايد حنين
" ، ارتفع حاجباها من طريقته المباشرة ، صحيح انها تتوقع سر مجيئه بعد ان
حادثها فى الهاتف واخبرها عن نفسه قليلا طالبا تحديد موعد للقاء ، وتذكر انه أصر
على ان يكون اليوم بالتحديد ، واستنتجت بالطبع انه تربطه بابنتها الوحيدة قصة حب
يسعى لتتويجها فى إطار شرعى ، لكنها توقعت منه قدر من المناورة والشرح والتوضيح او
حتى الارتباك مما يصيب كل الشبان فى هذا الموقف ، ولم تمنع نفسها من الإعجاب به
وهى تراه متوازنا رصينا ، يقيس كلماته جيدا ويحسن التصرف فى حزم رجولى واضح ..
التقطت نفسا عميقا قبل ان تقول " بص يا
باسم ، حنين هى بنتى الوحيدة ، وأكيد انت عارف ده ، انا ما اعرفش طبعا انت تعرف
العلاقة اللى بتربطنا ببعض ولا لا ، ولا ازاى تعبت عشان اربيها واكبرها ، بعد ما
توفى أبوها وهى عمرها 5 سنين ، انا ما انكرش انك شاب ممتاز ، باين عليك انك ناجح ،
وعاجبنى جدا ان باين عليك شخصيتك قوية ، لكن ...
توقفت عن الكلام وهنا تدخل حاملة قدحين من
القهوة وهى تنظر لابنتها باندهاش " هو انتى اتعلمتى تعملى قهوة امتى ، انا
نسيت اصلا ان عزيزة مشيت من بدرى " ،، لم تجيب هنا واكتفت بوضع الصينية التى
تحملها على المنضدة وهى تقدم الاولى لوالدتها والثانية لباسم قبل ان تنسحب دون
كلمة واحدة ..
تذوقت والدتها رشفة حذرة قبل ان تقول "
ايه ده بقى ، ايه المواهب دى يا حنين ولا اقولك يا هنا " ، علا صوتها ليصل
لأسماع هنا التى وقفت بعيدا فى ركن خفى تستمع الى ما يدور وهى تبتسم خجلا ، لم تكن
غبية لتجهل ما سينطق به باسم او ربما نطقه بالفعل ، لكن العجيب انها وجدت نفسها
ترتجف قلقا ، سيتزوجها ، وها هو حلمها القديم يتحقق ... هل سيكون الواقع شبيها
بالحلم ..
تابعت الحوار الدائر وهى ترصد تعبيرات وجه
والدتها من بعيد وقد بدا عليها علامات الرضا الى حد كبير ، وان لم تتوقف عن تحذير
باسم من الاساءة لها تحت اى مسمى من المسميات ، حتى أتت لحظة الصدام وهى تسأل باسم
سؤالا مباشرا " باسم انت ممكن تمد ايدك على مراتك " ... دب القلق فى قلب
هنا وهى تعرف ان باسم لا يكذب لكن الحقيقة فى تلك اللحظة لن تتسبب سوى فى تعقيد
الأمور ، فترقبت اجابته التى سبقها بنفس عميق وهو يقول " يا هانم حاجات كتير
اوى ممكن تحصل بين الراجل ومراته ، بيحددها طبيعة علاقتهم وقربهم من بعض ، اى حاجه
وكل حاجه وارد تحصل بينهم ، وكل ده مقبول طالما داخل مملكتهم وبس ، ممكن امد ايدى
علي مراتى بهزار او يمكن حتى بجد ، واسمحيلى دى حاجه ما تخصش أى مخلوق فى الدنيا
غيرنا ، انما لو جاتلك بتشتكى يبقى من حقك ساعتها انك تتدخلى "
رمقته والدة هنا بنظرة حادة وهى تحاول ان
تكتشف ما يدور بداخل عقل هذا الشاب الذى يبدو عميقا ربما اكثر مما ينبغى ، وبين
جنبات عقلها دارت الفكرة " هل سيمكن لحنين ان تتعامل معه ، هو يبدو رجلا
متزنا لكنه يمتلأ بالأسرار ، يبدو رصينا هادئا لكن بداخله وجوها اخرى لا تخرج الا
فى حينها ، فهل يكون هو الشخص المناسب لأبنتها الوحيدة ، حتى اجابته لم تحمل نفيا
قاطعا كما كان يفترض ، بل وضع الأمور أطار الاحتمالات ، تدرك بحكم خبراتها
الحياتيه ان كلامه واقعى بشكل كبير وان كان لا يتفق مع الدبلوماسية ،،،
وبنظرة مباشرة واجهته وهى تقول " شوف يا
باسم ، انا موافقة ، وعارفه طبعا ان حنين موافقة ، انما ما اقدرش انكر ان فى حاجات
قلقانى ، انما مش هسبق الأحداث ، بس احب أكدلك على حاجه مهمة اوى ...... انا اتمنى
تبقى ابنى وجوز بنتى وشايفه انك تقدر تحافظ عليها وشايفه فى عنيك حبك ليها ، انما
برضه شايفه ورا ده حاجات تانيه كتير مستخبيه ، ما تهمنيش كتير الا فى نقطة واحده
اتمنى تفهمها كويس ، اللى يأذى بنتى .. انا انسفه نسف ، وانا قادرة على تنفيذ ده
حرفيا مش بشكل مجازى ، فاهمنى "
ابتسم هو فى هدوء وهو يقول " فاهم حضرتك
، بس صدقينى مش هتلحقى تنسفيه ، عشان اللى قاعد قدامك مش هيسمح أبدا ان بنتك تتأذى
باى شكل من الأشكال ، هى صحيح بنت حضرتك ،
انما بالنسبة لى هى بنتى وصاحبتى وأم ولادى وحبيبتى كمان ، يعنى عندى أسباب أكتر
من حضرتك بكتير عشان أحميها ... حضرتك فهمتينى "
امأت برأسها فى اعجاب بما قال وهى تنادى حنين
، التى اتت تمشى على استحياء ، فضحكت وهى تقول " يا سلام على الكسوف ، كسوف
ايه وانتوا داخلين سوا من الباب يا ست هنا اللى بعرف اسمك لأول مرة ، ماشى ، باسم
طالب ايدك ، تقبلى " ... فأطرقت هنا وهى تحرك رأسها فى هدوء .. فتابعت
والدتها " مبروك يا ولاد "
استغرق الأمر دقائق قليلة للاتفاق على بعض
التفاصيل التى شهدت توافقا كبيرا فى وجهات النظر ، قبل ان يستأذن باسم فى الانصراف
،
وفى غرفتها وبعد حديث قصير مع والدتها جلست
هنا تفكر ، نعم هى تحبه بكل ما تحمله الكلمة من معانى ، نعم هى ولدت من جديد على
يديه ، نعم عاشت الى الان 300 يوم سعادة لا يمكن وصفهم فى مجلدات من الحجم الكبير
، نعم نجحت ان تكون " كاجيرا " سيدها ، فهل تنجح ان تكون زوجته ايضا ...
طوال تلك الأيام كانت بسمة تتابع ما يدور
بينهم من بعيد من خلال هنا التى تحكى لها بين الحين والأخر بعض التفاصيل ، طوال
تلك الفترة اندمجت بسمة مع شلة الأصدقاء التى جمع شملهم باسم ، لا تنكر انها شعرت
كثيرا بالغيرة من هنا وعلاقتها بباسم ، ليست غيرة الفتيات التافهات وانما كانت
تتمنى ان تجد من يشاركها الحياة بكل ما فيها من تقلبات وأسرار ، ولم تمضى شهورا
قليلا على اندماجها وسط المجموعه حتى جمع الحب بينها وبين خالد ، الطبيب الشاب
الذى انضم للمجموعه باعتباره الشقيق الأكبر لأقرب اصدقاء باسم ،
كان نموذجا للشاب المكافح المنضبط ، مواعيده
تنافس دقة ساعة بيج بن الشهيرة ، يقدس عمله ويقضى فيه ساعات طويلة ما بين عمله الصباحى
كمعيدا فى احدى الجامعات الخاصة المعروفة ، بالإضافة الى عيادته الخاصة التى
افتتحها قبل عامين وحقق من خلالها نجاحا ملحوظا ..
أسرتها رجاحة عقله واتزانه ، ورغم جموحها
البادى فى الكثير من التصرفات الا انه كان يدرك متى يسيطر على هذا الجموح ومتى
ينطلق معها ممسكا بيدها ،،،
ربما لم يمضى على تعارفهم وقربهم سوى شهور
قليلة الا انه خلالها عرض عليها الارتباط الرسمى أكثر من مرة ، وكانت فى كل مرة
تختلق الحجة وراء الحجة ، ليس لكونها لا تحبه ، لكن فى عقلها كان يدور سؤال عجيب ،
ماذا لو كان روتينيا تقليديا ، او ماذا لو كان كذلك عندما يصير زوجا وابا ، نعم
تحبه لكنها تعرف ان طبيعتها تتمرد دوما على الروتين ، تحتاج من وقت لأخر أن تشعر
بالانطلاق ، ان تتحرر من كل شئ ، وان تطلق العنان لعقلها وروحها ،،
لم تكن السادية جزءا كبيرا مما يشغل بالها
خاصة فى علاقتها به ، لكنها ظبطت نفسها تفكر مرات عدة فى التجارب القليلة التى
خاضتها على يد باسم ،،، وحتى تلك اللحظة لا تدرى حقيقة هل تتوق لخوضها من جديد ام
لا ...
وبعد سهرة طويلة وحديث استغرق ساعات عبر
الهاتف ، اعلنت بسمة موافقتها ، وتقدم خالد لخطبتها وسط فرحة المجموعة التى بدت
وكانها تتشابك فيما بينها اكثر واكثر بعلاقات أسرية وعاطفية ،
ومرت الأيام تملأ حياة الصديقتين بهجة وسعادة ،
وان كانت بسمة لا تزال فى حيرة من أمرها لا تدرى ما تبحث عنه ولا تدرى الى أين
ستسير حياتها مع خالد ، حتى كانت اللحظة الفارقة بعد مرور شهرين على خطبتهما ،
كانت بسمة تعانى من ارتفاع فى درجة حرارتها مصحوبة بأعراض الانفلونزا الحادة التى
جعلتها لا تغادر فراشها الا بالكاد ، ففاجأها خالد بزيارة فى منتصف النهار بعد أن
استأذن والدها فى الحضور للاطئمنان عليها ، دٌهشت هى لرؤيته فهى تدرك حجم مسئوليات
العمل الملقاه على عاتقه خاصة وان كل ما تشعر به هو اعراض البرد العادية وان كانت
شديدة الى حد ما ، وبصحبة والدتها وجدته
يدخل الى غرفتها وقد بدت على وجهه علامات القلق وهو يقترب منها ممسكا بيدها فى رفق
للاطمئنان عليها وطمأنتها وهو يجلس الى جوارها مخرجا سماعته الطبية لتوقيع الكشف
الطبى عليها ،،
لم يستغرق الأمر دقائق قليلة قبل ان يزيح
السماعه عن اذنيه وهو يقول " خير ان شاء الله ، دور برد شديد شويتين بس مش
هنستناه لما يزيد عن كده " ، اتبع كلماته بأن فتح حقيبته وهو يخرج امبولا
صغيرا وسرنجة متوسطة الحجم ،، وعلى الرغم من وهنها البادى بوضوح الا ان بسمة قد
علا صوتها صارخا وهى تقول " لا يا خالد ، حقن لا ، كله الا الحقن يا خالد ،
ارجووووووووووك "
تجاهلها خالد وهو يضع الامبول بين اصبعيه
وبحرجة صغيرة من ابهامه كسر عنق الزجاجه قبل ان ينزع غطاء السرنجة ويسحب السائل فى
بطء وما ان انتهى حتى اعاد غطاء السرنجة حتى لا تتعرض للتلوث ، وحدق بسمة بنظرة لم
تراها على وجهه من قبل ، نظرة صارمة كانت
تتوق لرؤيتها لكن ليس فى تلك اللحظة ابدا ..
فى حين خاطبته والدتها وهى تقول " معلش
يا خالد ، بس هى طول عمرها بتترعب من الحقن ، مفيش اى بديل لده "
أجاب هو
" مفيش اسرع من الحقن عشان المضاد الحيوى يجيب نتيجة بسرعه ، وانا مش
هستنى لما الدور يتمكن منها اكتر من كده " ثم تابع مبتسما " ثم ان ايدى
خفيفة ما تقلقيش يا بسمة " ، والتفت الى والدتها يقول " ممكن حضرتك
تساعدينى "
التفتت هى الى ابنتها بنظرة مشفقه وهى تقترب
منها من الجانب الاخر من الفراش وهى تربت على يدها قائلة " معلش يا حبيبتى ،
خالد مش هيوجعك ما تخافيش " ، فى حين تحولت بسمة الى طفلة صغيرة وهى تصرخ
" لا يا ماما لا ، ارجووووووك يا خالد لا لا ، حقن لا ، هاتوا اى دوا ، حقن
لا لا "
تنحنح خالد وهو يتظاهر انه يسعل ، قبل ان
يقول " ممكن كوباية ميه لو سمحتى يا طنط " ، خرجت الام لتحضر الماء ،
اما هو فقد انتهز الفرصة وهو يستخدم يده اليسرى ليعدل من وضع بسمة لتنام على
جانبها الايسر ، اما يده اليمنى فقد ازاحت الغطاء قليلة عنها وهو يقول " انا
قولتلك ان ايدى خفيفة ، انتى تعبانه والحقنة دى ضرورى ، بلاش دلع واسمعى الكلام
" ،، توترت بسمة وهى ترتجف وقد حملت نبرته نبرة قد افتقدتها كثيرا ، هى ذات
نبرة باسم الأمرة حين عاقبها قبل عام مضى ، لكنها واصلت عنادها وهى تقول " لا
لا ، ايه ده ، انت بتعمل ايه ، بس يا خالد ، هاصوت وازعق ما ينفعش كده ، لااااااا
بليز " ، ولكنها صمتت تماما وهو يزيح البنطلون الذى ترتديه قليلا الى اسفل من
الجانب الايمن ، بينما هى تحاول ان تتحرك يمينا ويسارا للافلات من قبضته ،
فعاجلتها صفعة هوت على مؤخرتها ... وخالد يقول " بس ، ما تتحركيش من مكانك ،
مفهوووووووووم "
صمتت بسمة وعقلها يردد " يخرب بيت كده ،
ده طلع منهم ، هو ايه بقى ، الرجالة كلها بقت سادية ، ايه الصوت والنبرة دى ، وايه
الضربة اللى ضربها دى ، وايه ...اةةةةةة " ، كان خالد فى تلك اللحظة قد غرس
سن المحقن فى لحم مؤخرتها وهو يدفع بالسائل ليسرى بداخلها ، حقيقة لم يكن الألم
رهيبا كما توقعت ، حتى ان خالد قال " انتى بتقولى اى وانا باشيل الحقنة ،
خلاص يا دلوعه هانم خلصنا " ، اتبع كلماته بمسح مكان الحقنة بقطنة صغيرة كان
قد اعدها مسبقا وهو يعيد ملابسها كما كانت ويربت على كتفها وهو يقول " بالشفا
يا حبيبتى ان شاء الله ، والف سلامة عليكى " ، فى نفس اللحظة دخلت والدتها
تحمل كوب الماء ، ففوجئت به ينهض وهو يقول " ميرسى يا طنط تسلم ايدك ، انا هابعت
لحضرتك دلوقتى مع البواب اقراص هتاخدها كل 8 ساعات ، وان شاء الله الحقنة هتريحها
كتير "
نقلت بصرها بينه وبين ابنتها التى وجدتها
تخفى ابتسامة صغيرة لاحت على وجهها للحظة ، وهى تقول " ربنا يخليك يا خالد ،
مش عارفه اقولك ايه ، تعبناك معانا اوى " ، انتهى الموقف لكنه كان علامة
فارقة فى حياة بسمة التى توشك على البدء ، فاليوم اعلن خالد عن وجها اخر لم تراه
من قبل ، وجها جعلها تدرك انها احسنت الاختيار ..
ورغم ما تعانيه من اعراض المرض الا انها
التقطت هاتفها بسرعه لتتصل بهنا تخبرها عما جرى وعن اكتشافها الكبير ، وتواصل
الرنين دون ان تتلقى أى رد ..
فهى لا تدرى ان فى تلك اللحظة كانت هنا تقف
على أطراف اصابعها كتمثال من الشمع ، لا ترى شيئا بعد انا أحاط سيدها عينيها
بعصابة سوداء أخفت عنها الرؤية بشكل كامل ،
لكن هذا التمثال كان نابضا بالحياة ، بل لا نبالغ اذا قولنا انه فى تلك
اللحظة كان اشبه بزلزال عميق لم يظهر بعد على السطح ، ففى داخلها اختلطت كل
المشاعر ..
تشعر ان مؤخرتها تخرج لهيبا متواصل بعد فاصل
من الصفعات والضربات المتواصلة ، ويختلط
الألم بالإثارة مع تلك المشابك المعدنية المثبتة بأشفار فرجها من الجانبين مما
اضطرها لتباعد ما بين ساقيها قدر الإمكان ، لكن هذا لم يمنع الالم من ناحية ولا
قطرات شهوتها التى تقاطرت على افخاذها قبل ان تتخذ طريقها الى الارض من التواصل
والاندفاع .
اما شعرها فكان ولأول مرة فى حياتها قد ارتبط
بمفصل قدمها بعد ان عقده سيدها وربط نهايته بسلسلة معدنية ثبتها فى طوق يحيط
بقدمها وأجبرها طوال الوقت ان ترفع رأسها وتعيدها الى الوراء ، فى نفس الوقت الذى
قبضت اسنانها على ثقل معدنى بإحكام شديد ، فهذا الثقل مثبت فى سلسلة صغيرة تتعلق
بحلمات صدرها بمشابك معدنية محكمة ، ولو هوى هذا الثقل من فمها لجذب معه تلك
السلسلة مع حلمات صدرها لينتزعهم من مكانهم دون شك بفعل ثقله
اما لماذا تقف على اطراف اقدامها فكان تجنبا
لهذا الوحش الكامن امام فتحة مؤخرتها ، فهناك على تلك الطاولة ثبتت لعبة تشبه تلك
الالعاب الجنسية المعروفة لكنها معدنية ، أضاف لها سيدها لمسته الخاصة فغمرها
برشات متتالية من أحد عطوره المركزة ، وحينما حاولت هنا ان تريح اقدامها من تلك
الوقفة العجيبة وجدت تلك اللعبة تتخذ طريقها الى عمق مؤخرتها حاملة معها المعنى
الحقيقى للحريق ..
ومن جديد ارتفع رنين الهاتف ، لكنه هاتف باسم
فى تلك المرة ، الذى ما ان رأى اسم المتصل حتى انعقد حاجباه وهو يتحرك الى نهاية
الغرفة ، وسمعته هنا من مكانها يتحدث بإهتمام واحترام وهو يقول " اه موجود ،
طبعا .. طبعا ، فى انتظار حضرتك "
ورغم ما تشعر به من الم شديد ، كانت نيران
الغيرة اشد وطأة عليها فى تلك اللحظة ، من هى تلك التى يخاطبها بكل هذا الاهتمام
ويرحب بحضورها ، واين ، هنا فى منزله ،،،،،،
اغلق الهاتف وهو يتحرك فى سرعة كبيرة وهو يحل
قيودها ويزيل مصادر المها المختلفة وهو يقول " هاقولك على حاجه ومش عايزك
تترعبى " ،،، كانت الجملة كفيلة لأن تبث فى اوصالها الرعب بالفعل فتابع
" ماما جاية دلوقتى هنا "
ببلاهة ابتسمت هنا وهى تقول " ماما مين
.. مامتك " ، ابتسم هو قائلا " لا مامتك انتى " ، فى نفس اللحظة
كان جرس الباب يدق ... فهوى قلب هنا من مكانه
#يتبع
#شبح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق