فى تلك الليلة لم يستطع النوم أن يتسلل لجفون
سكان هذا البيت الهادئ ،، فقد قضت هنا ليلتها فى توجس وقلق تدور برأسها ألاف
الأفكار والسيناريوهات المتوقعه لرد فعل والدتها بعد ما رأت من أثار تركها سيدها
على جسدها ..
كانت هنا تعلم جيدا من هى والدتها ، فالصمت
المطبق الذى هبط على المنزل لم يكن هدوءا او استسلاما وانما كان استعدادا لأصوات
تعلو على هزيم الرعد ،، ولن تنسى هنا طوال حياتها تلك النظرة النارية التى انطلقت
من عينى والدتها قبل ان تغادر غرفتها ، نظرة حملت لوم وعتاب بقدر ما حملت شفقة
واندهاش .. والأسوأ انها حملت غضبا هادرا يعلم الله مداه ...
ورغم كل محاولات باسم لطمأنتها طوال الليل
الا ان حالتها كانت اسوأ من ان يتم تسكينها ببضع كلمات .. وعلى بعض أمتار من
غرفتها كان الضوء فى غرفة حسناء يعلن ان ليلتها ايضا ليلة مسهدة لم ينل النوم اى
حظوظا فيها ..
وامام شاشة كمبيوترها اللوحى حاولت حسناء أن
تكتشف حقيقة الأمر ، اضناها البحث وهى تلهث خلف نتائج كلمة بسيطة كتبتها على احد
محركات البحث الشهيرة " سادية " ، فهالها ما رأت
الاف المقاطع المصورة وملايين الصفحات حول
العالم ، والغريب انها وجدت مئات الصفحات المصرية والعربية التى تتحدث عن الأمر
تضم الاف الشباب والشابات ...
وفى عقلها انطلق السؤال : عن ماذا يبحث هؤلاء
جميعا ، لماذا هم هنا ، هل هجر شباب وشابات هذا الجيل عصر الرومانسية الجميلة
وانطلقوا يعاندون الطبيعة بحثا عن عالم أخر ، هل وصلت رياح التغيير التى هبت على
الشرق حتى للمشاعر والأحاسيس والطباع ،وبعقل من هم فى مثل عمرها فى بدايات العقد
الخامس من اعمارهم قالت لنفسها : الم تكتفى بألعاب السياسة الخبيثة التى نالنا
منها ما نالنا ، أتلك موجة متمردة من موجات يقودها شباب هذا الجيل ضد كل المواريث
القديمة ..
الأن فقط شعرت كم هى منفصلة عن واقع الشباب ،
الان فقط شعرت انها من جيل قديم تكونت بينه وبين ابناء هذا الجيل مئات الفجوات
التى بات من الصعب ادراكها ...
وبحكم خبرتها فى قراءة البشر ادركت حسناء ان
الالاف من الموجودين فى هذه الكيانات لا هم لهم الى اصطياد الفتيات الصغيرات ،
واخرين يبحثون عن ضالة مفقودة ، واخرين يهيمون على وجوههم يتلمسون عالما كبيرا لا
يدركون ابعاده بعد ، وقليلون يعلمون جيدا لماذا هم هنا ،
تابعت بعض الكتابات وشاهدت بعض المعارك التى
تنشب بين عشية وضحاها على توافه الأمور ، ادركت ايضا ان هناك لغة أخرى لا تدرك هى
فحواها ،، مصطلحات وطرق للرد والتعبير تحتاج الى قاموس حديث لفهم تلك المعانى ..
لكن أشد ما جذبها كانت عددا من الصفحات
القليلة تتحدث عن مشاعر راقية ، وطريقة خاصة فى التعامل بين الرجل والأنثى ، شاهدت
بعض كتابات تكشف ان هناك اناسا بالفعل يدركون ما يدور بداخل كل أنثى فى هذا الكون
..
وجل ما لفت انتباهها تلك الفتيات الصغيرات
اللاتى أتين الى هذا العالم طوعا ، باحثات عن رجل تحول الى عملة نادرة فى زمن يرفع
شعار المساواة الذى تحول لقيد يكبل بنات حواء بدلا من تحريرها ..
رأت من يتحدثون عن أقنعة المرأة القوية التى
تسقط أمام عنفوان رجل كامل ، كم لمستها تلك الجملة فهى اكثر من يدرك مغزاها ، فرغم
شخصيتها القوية التى جعلت البعض يلقبها بالمرأة الحديدية ، كانت هى وحدها تعلم ان
كل هذا ما هو الى قناع يحمى بداخله شخصية بالغة الرقة والحساسية تخشى ان تظهر امام
الجميع فتصبح لقمة سائغة للطامعين ، تدرك كم كان صادقا هذا التعبير ان وسادة
المرأة القوية ترتوى كل ليلة بدموع أنثى تخالف طبيعتها لتواصل حياتها .
بعيدا عن كل تلك المشاعر والانفعالات فوجئت
حسناء ان للعقاب أصول وقواعد ومدارس مختلفة ، يتبع كل مجموعة احداها ، اما وسائله
فمتعددة لا تحصى ، وتزداد كلما كان صاحبها يمتلك خيالا خصبا وروحا خلاقة .
حتى العلاقات التى تربط بين الفتيات والفتيان
هنا متشعبة ، حتى انها فوجئت بمصطلحات بالغة التعقيد احتاجت لوقت كثير لتكتشف
معانيها ومضمونها .
فهناك من تبحث عن بديل لأب غاب أو اختفى او
شغلته الحياة عن أهم ما يمتلكه فيها وهى ابنته ، وهناك الباحثة عن رجل تستند اليه
لم تصل الى عقله تلك الشعارات الخاصة بالمساواة والمشاركة وكل تلك الاباطيل
المغلفة بإطار من التحضر والمدنية ، وهناك الباحثين عن علاقات جنسية استثنائية تحت
لافتة من المشاعر السادية المشتركة .
ووسط كل هذا الخضم الهائل من المعلومات التى
اقتحمت عقلها حارت حسناء ، الا اى من هؤلاء تنتمى ابنتها وما هى العلاقة التى
تجمعها بباسم ، تعلم انه تقدم للزاوج منها وكل ما يفعله يكشف انه جاد فى اتمام
الزواج فى اسرع وقت ، لكن ما رأته على جسد ابنتها من علامات بدت لها وحشية المصدر
كان لا ينذر بأى خير من وراء تلك الزيجة .
لا يمكنها ان تسلم أبنتها لوحش يرتدى قناعا
من البراءة والرجولة ، لا يمكنها ابدا ان تمنحه ابنتها ليمارس عليها تلك الطقوس
الشيطانية ...
لكنها توقفت عند كلمات شاهدتها تتكرر كثيرا
على ألسنة الفتيات هنا ، خاصة الباحثات عن رجل بمعنى الكلمة ، رأت منهن من يتحدث
عن حياة تغيرت وعادات تبدلت ونجاحات تحققت بمساندة رجل لا يخشى نجاح أنثاه ،
وتذكرت كيف تبدلت ابنتها خلال شهور قليلة ، لم تعد تلك العابثة التى تقضى حياتها
منعزلة فى غرفتها ليلا او بين جنبات المحلات التجارية والمولات نهارا ، رأت كم
أصبح العمل دستورها اليومى ، وكيف غيرت من عاداتها وطباعها ، رأت الطفلة المدللة
تقضى ساعات طويلة داخل المطبخ تتعلم دون كلل أو ملل ، رأت بريق الحياة يعود
لعينيها الجميلتين من جديد ،
حائرة تجولت فى غرفتها تدور برأسها افكار
متضاربة ، استقرت فى النهاية ان الأمر لن يحسمه سواء لقاء جديد يجمعها بهذا الرجل
الذى اقتحم حياة أسرتها الصغيرة .. باسم
استغرق الأمر دقيقة كاملة من خالد ليتمالك
نفسه من جديد بعد ما رأه ، على فراشها وجدها عارية تماما فاقدة للوعى ، ومن حولها
تتناثر الدماء ، مقيدة اليدين بإحكام
بواسطة حبل خشن ترك علاماته على معصميها ، مع محاولاتها المتكررة لحل قيودها ،
يظهر على جسدها وخاصة ظهرها جروح متناثرة فى كل مكان على أثر ضربات سوط قوى أمسكته
يد وحشية لا تميز الفارق بين العقاب والايذاء ، كل هذا رأته عيناه سريعا مع الوهلة
الأولى لكن خبرته كطبيب جعلته يعلم ان هناك الكثير لا يظهر خلال تلك النظرة
السريعة ، لكنه تعامل فورا مع الأمر وهو يهاتف الصيدلية القريبة ويطلب بضعة أشياء
ما ان انتهى من طلبها حتى اخرج بضعة اشياء أخرى من حقيبته وبدأ فى مهمة صعبة
لانقاذ علا .
وعلى مدار ساعة كاملة داوى جروحها المفتوحة ،
ومنحها مسكنا قويا لا يمكنك ان تجده متاحا بالصيدليات لاندراجه تحت بند المخدرات
الشديدة الخطورة ، لكنه يعلم ان جسدا مثل جسد علا التى داومت لسنوات على تعاطى
المخدرات كان يحتاجه بشدة ليواجه الامه الرهيبة ، استخدم خبراته لينعش أوردتها
بمحلول مركز يحتاجه جسدها المنهك ، لم ينسى ان يتضمن مضادا حيويا قويا خشية ان
تكون جروحها ملوثة ...
وعندما انتهى من كل هذا بدأ فى مسح جسدها
بمناديل رطبة فى محاولة لانعاشها من جديد ، نصف ساعة أخرى بدأت بعدها علا فى اصدار
أصواتا واهنه تكشف انها بدأت فى استعادة وعيها الغائب قبل ساعتين ، وفى عقل خالد
تردد السؤال : أى شيطان فعل بها هذا وكيف ومتى ولماذا .. وكيف تركت نفسها فريسة
لتترى غاشم استباح جسدها بتلك الطريقة البشعة ..
واصل مهمته فى تنظيف جسدها ، عله يجد جرحا لم
يداويه او اصابة مخفية لم تظهر علاماتها امام عينيه ، وبحذر شديد انتهى من مهمته
كاملة قبل ان يتجه لمناطقها الحساسة كاشفا عنها وهنا اطلقت علا صرخة مدوية وجسدها
يتشنج فى عنف ... واتسعت عينا خالد فى غضب وذهول فأمامه كانت العلامات التى يعرفها
بحكم خبراته واضحة جلية ..
تلك المسكينة قد تم اغتصابها بوحشية ....
بخطوات هادئة اتجه باسم نحو باب مسكنه
ليستقبل ضيفته التى بدت على ملامحها علامات التوتر والانفعال ، والتى ما ان فتح
الباب حتى خطت الى الداخل فى خطوات سريعة وهى ترمقه بنظرة جانبية لم تنجح فى اخفاء
حدتها ..
وقبل ان يستقر بها المقام كانت تفرغ شحنة
انفعالاتها فى وجه باسم الذى بقى هادئا ينتظر انتهاء ثورتها المتوقعه .
كلمات كثيرة عن السلامة والايذاء والوحشية
ورقة الانثى والعنف والتهور والانقياد لأفكار غربية دخيلة على مجتمعنا الشرقى ..
من بين حروف كلماتها الهادرة استنتج باسم ان
حسناء قد بحثت عن الأمر ، وان بداخلها افكارا متضاربة تعكس ما رأته من تخبط وتضارب
بين الأراء والأفكار على مواقع التواصل الاجتماعى ..
انهت حديثها معه بكلمات حاولت ان تحمل أكبر
قدر من الحزم وهى تقول " باسم ، الجوازة دى مش هينفع تتم ، انت بتعمل ده فى
بنتى وهى لسه مش على ذمتك ، امال لما تبقى مراتك وماحدش من حقه يتدخل بينكم هتعمل
فيها ايه "
هنا وبعد نفس عميق تحدث باسم لأول مرة قائلا
" اسمحيلى انى هجاوب على كلامك من أخره مش من أوله ، هنا على ذمتى بالفعل من
يوم ما اتعلقنا ببعض ومن قبل حتى ما اجى اطلب ايدها من حضرتك ، على ذمتى مش بمعنى
انها مراتى وليا عندها كل حقوق الزوجية ..لا ، على ذمتى يعنى مسئولة منى ، يعنى
ملكى ، يعنى مفيش مخلوق فى الدنيا دى يقدر يبعدها عنى أو يبعدنى عنها ، خلينا نحط
الحقيقة دى قدام عنينا واحنا بنتكلم ،، المبدأ اللى بقوله لحضرتك ده لا يقبل
التفاوض ولا المساومة ، انا مستعد انى ابعد عن هنا فى حالة واحده ، انها وفق
ارادتها الكاملة تبلغنى بالكلام ده ، لان مفيش راجل فى الدنيا يقبل ان يفرض نفسه
على واحدة مش عايزاه .... ده اولا "
ثانيا بقى انا متأكد ان حضرتك قريتى كتير عن
الموضوع وانك اتفاجأتى بطبيعة العلاقة بينى وبين هنا ، غرابة العلاقة او ندرتها ما
يخليهاش ابدا علاقة منكرة او علاقة لازم تتقطع ،، هى علاقة من نوع مختلف ، بعض
الناس تفهمها البعض ما يفهمهاش كل ده مش مهم ، لان ده ما يهمش حد غيرنا ، التوافق
اللى بينا أهم وأراء الناس لا تعنينا ، واللى بيدور فى الاوض المغلقة مش من حق حد
يعرفه او يتناقش معانا فيه ...
اسمحيلى افهمك حاجه انا متأكد ان حضرتك
فاهمها ويجوز عشتيها كمان ، الست محتاجه ايه ، محتاجة راجل تتسند عليه ، راجل تعرف
دايما انها فى أمان بين ايديه ، راجل تشتكى منه ليه هو ، راجل تعلى معاه ضحكتها
وما حدش غيره بيشوف دمعتها ، راجل خوفها من زعله ما يقلش ابدا عن خوفها عليه ،
راجل تحس لم يضحك ان الدنيا ملك ايديها ، راجل تعيش حياتها معاه مهما كبرت كطفلة
صغيرة ، تلعب وتتنطط وتجرى وتضحك وتقع ويقومها وتتجرح ويداويها ، يكافأها ويعاقبها
،،، راجل يعاملها فى اوقات كأنثى وما ينساش ابدا الطفلة اللى جواها ، راجل يفرحه
نجاحها كأنها بنته ، ويسعده دايما انها معاه ومعاه هو بس هى قطة ضعيفة محتاجه اللى
يخلى باله منها ، مهما كانت قدام الناس كلها شخصية قوية ...
اللى قولته لحضرتك ده ملخص صغير لعلاقتى بهنا
اللى مش ممكن ابدا هاسمح انها تضيع منى .. فهمتينى .
كانت كلماته تدق فى عقل حسناء كناقوس يدوى
بصوت عال ، فقد تذكرت لحظات تركتها فى ركن بعيد من ذاكرتها ، تذكرت كيف انتزع
قلبها والد هنا برجولته الأسرة ، وحزمه الذى لا يخلو من حنان ، حتى انها تعجبت من
نفسها وهى تنطق كلماتها الاخيرة مع باسم ، ففى تلك اللحظة واثناء حديثه تذكرت
مشاهدا لا تنسى من علاقتها بزوجها الراحل ، حينما كان يصطنع الغضب جاذبا اياها من
يديها ليلقيها على قدميه المضموتين ويصفع مؤخرتها فى مشهد مشابه لمشهد شويكار مع
فؤاد المهندس فى مسرحية سيدتى الجميلة ،، ادركت حينها انها كانت تتلقى تلك الصفعات
وهى فى قمة الرضا ، تذكرت كم كانت تشعر حينها انها طفلة بين يديه تستمع بضرباته
التى تمس أدق واعمق مشاعر انوثتها
كيف لها الان ان تستنكر ما يقوله باسم ،،،
لكنها عادت لتقول لنفسها ان ما يفعله وما رأته من أدواته المرعبة يفوق كثيرا تلك
الحدود ، بل انه محا كل الحدود وانطلق لبعد اخر بعيدا عما تعرفه ، لكنها اكتشفت من
خلال ما رأته على صفحات الانترنت ان هناك قواعد لاستخدام تلك الأدوات مهما بدت
مرعبة ، وما رأته من باسم يكشف انه خبير بما يفعله ، لكن قلب الأم الذى تحمله
وحبها لابنتها الوحيدة جعلها تنتفض خوفا على ما يمكنها ان تواجهه على يديه ..
استشعر باسم كل ما يدور داخل جنبات عقلها
فتابع حديثه وهو يقترب منها " كلمتين هقولهم لحضرتك وانا مسئول عنهم مسئولية
كاملة ، بنتك حته منى مش ممكن ابدا هأذيها فى يوم من الايام ، ونفس الايد اللى
بتعاقب هى الايد اللى بتطبطب وبتداوى ، وعلى قد خبرتها فى السادية على قد خبرتها
فى الحنية ، بنتك معايا فى أمان ، ما ينفعش تقلقى عليها وهى فى عرين أسد ، الأسد
مخالبه بتطلع عشان يدافع عنها مش عشان يجرحها ومفيش أسد بينهش لحم عيلته ابدا
"
وتابع باسم " انا مقدر الحيرة اللى انتى
فيها ، ما تستعجليش فى الحكم ابدا ، انتى تحت تأثير صدمة ما كانتش متوقعه ، انما
انا سعيد فى نفس الوقت ان الصورة قدامك واضحة من الاول ، ومفيش حاجه مستخبية عليكى
، عيدى التفكير ونقعد تانى ونتكلم ونتفاهم ... نتفاهم على أى حاجه فى الدنيا الا
انى ابعد عن هنا "
ابتسمت حسناء مع جملته الأخيرة ولم تنطق
بكلمة واحدة وهى تغادر مسكنه وفى عقلها تتردد جملته " الأسود لا تنهش لحوم
عائلتها ابدا " ...
مع صرخة علا المدوية استعادت وعيها دفعة
واحده ، تحركت عيناها بسرعة فى المكان لتكتشف اين هى ، وعلى وجهها ارتسمت اسمى
علامات الفزع والرعب كأنها كانت تشاهد لتوها ابشع الافلام رعبا ودموية ،، وبهدوء
لامست يدى خالد وجهها لتنظر الى عينيه الهادئتين قليلا قبل ان تجهش ببكاء هستيرى
لم يمنعه اقترابه منها وضمها لصدره برفق ، بل ان تلك الخطوة قد جعلت أمطار دموعها
تتوالى بلا انقطاع يصاحبها نحيب طائر ذبيح يعانى سكرات الموت ..
تركها خالد تفرغ شحنتها المخزونه ، املا فى
ان تنجح فى التخفيف عنها ، وبعد 10 دقائق كاملة هدأت علا قليلا وقد بدا ان عيناها
قد أرهقتها الدموع ولم تعد تحوى المزيد ، تركها خالد وهو يتجه الى المطبخ الصغير
يعد لها مشروبا دافئا عله يهدأ من روعها ...
تذكر حينها كيف كان يفعل ما يفعله هذا بعد كل
جلسة من جلسات عقابها التى استمرت طوال شهور ، بعد ان اكتشف ان هذا كان علاجها
الوحيد من داء الإدمان الذى كاد يودى بحياتها لمرات ،،، فى هذا المكان كان يحتفظ
بأدواته الخاصة التى صنع بعضها واشترى بعضها الأخر خلال اسفاره المتكررة ، تذوق
جسدها كل تلك الأدوات ، ونالها من العنف ما طالها لكنه لم يصل أبدا لمرحلة الايذاء
التى رأها عليه الان ، يعلم ان قدراتها على التحمل تفوق المعتاد ، لكن ما رأه على
جسدها من علامات تكشف ان ما نالته اليوم على يد هذا المغتصب الوحشى كان يفوق كل ما
نالته على يديه ..
تذكر كيف كان تأثير جلسة العقاب يستمر لعدة
ايام تبتعد خلالها علا تماما عن المخدرات ، قبل ان تعود من جديد فينالها جلسة عقاب
اشد ، وتطول المدة شيئا فشيئا حتى نجحت لأول مرة ان تواصل شهرا كاملا لم يتسلل الى
جسدها اى نوع من انواع المخدر ، وشيئا فشيئا عادت نضارة وجهها ، وامام عينيه شاهد علا كما لم يشاهدها من قبل ، متألقة
نشيطة يملأها الحماس والحيوية ، بدأت بعدها فى العودة لحياة كانت قد افتقدتها
كثيرا .... لكنه كان يراقب بحذر فهو يعلم ان انتكاسة قريبة قد تدمر كل ما فعله
خلال شهور ، لكنها بقيت صامدة قوية ، خرج معدنها الحقيقى بعد ان غاب طويلا خلاف
ستار من الهروب من الواقع ، يعلم ان ما مرت به كان أليما ، لكنه ادرك ان استسلامها
لتلك الفترة من الضعف كانت مجرد سقطة لا تحتاج سوى ليد تمتد لها تنتزعها من عثرتها
لتواصل طريقها مجددا ..
لكنه لام نفسه كثيرا ومرارا ، فتلك اليد كانت
يده ، وهذا السند كان هو ، ولم تفعل كلماته الواضحة عن طبيعة علاقتهم الذى حاول ان
يخبرها انها لن تتعدى حدود الصداقة ، سوى مزيدا من التمسك به ، كانت تراه كبيرا
مترفعا ، يحاول ان يثبت لها كل يوم انه غير طامع فى قلبها او جسدها ، وكل ما فعله
لم يزيدها الى تعلقا به ، لكن ليت القلوب بأيدينا ، فقلبه لم يراها سوى انثى تحتاج
الى صديق ، كانت بارعة الحسن لكنه جمالها لم يدق باب قلبه ابدا ، ورغما عنه تعلق
هذا القلب الذى طالما يهوى ان يتصرف دون اشراف او رقابة ، تعلق هذا القلب بـ بسمة
، نعم هو لم يخدع علا لكنه يحمل نفسه كل اللوم انه تسبب فيما تعانيه الان ...
عاد اليها حاملا قدحا يخرج دخانه ليضيف
لوجهها ضبابا أكثر واكثر ، وقد شردت عيناها بعيدا وقد انطفئ داخلها بريق الحياة ،،
ناولها القدح وهو يحيط يديها بيديه وهو يشير لها الا تتحدث فلا حاجه له لمعرفة ما
حدث ...
لكنها تناولت رشفتين قبل ان تعاود بكاءها لكن
فى صمت فى تلك المرة ، وهى تروى له ما حدث ..
اتنكست يا خالد ، رجعت تانى للمخدرات ، انت
مالكش اى ذنب ، واحده من صاحباتى القدام كلمتنى وصممت تشوفنى ، خرجت وقعدت معاها
واتغدينا سوا ، كانت مبهورة باللى انا وصلتله بس فى نفس الوقت مش متخيله انها تقدر
تعمل ده ، حكيتلها وشرحتلها انت عملت ايه وازاى ، وازاى وقفت جنبى وسندتنى ، وازاى
جلسات عقابك ليا كان ليها مفعول السحر جنب اهتمامك ومتابعتك الدايمة ،، انبهرت
اكتر وقالتلى انها هتجرب وتحكيلى ، وفى يوم لقيتها بتخبط عليا وهى منهارة تماما ،
وفى حالة يرثى لها ، بتحاول تقاوم الشرب ومش قادرة ، الغريب ان شنطتها كانت مليانه
مخدرات من كل الانواع ، وواحنا قاعدين قالتلى انها هتشرب بس طلبت منى انى احاول
افرملها قدر الامكان ، وهنا كانت المصيبة انى ضعفت وعشان احميها شربت معاها ، ومن
هنا بدأت الانتكاسة ، ورجعت اشرب اكتر من الأول ، وهنا فكرت انى الجأ لطريقتك ، بس
مين اللى هيعاقبنى دى كانت المشكلة ، وبعد ما انت ارتبطت ما كانش ينفع اكلمك ولا
اطلب منك طلب زى ده ، فلجأت للانترنت ، ومنه عرفت واحد باين عليه الخبرة وسنه مش
صغير ، اتكلمنا واتعرفنا وفهمته احتياجاتى وحكيتله عنك ، اتقابلنا مرة وارتحتله
وانا ما اعرفش ان ورا ده فى شيطان مستنى الفرصة ..
قابلته مرة تانيه وتالته وعاقبنى فعلا وابتدا
الموضوع يجيب نتيجة ، لغاية النهارده ،،، النهارده بس شوفت وش ما شوفتوش منه قبل
كده ...
مش عارفه ازاى انا ما شوفتش فى عنيه بصة
الغدر ،، كان باين اوى من بداية اليوم وعينيه بتلفى المكان وبتبصلى بصات ما
شوفتهاش منه قبل كده ، كانت نظرة ديب جعان بيحوم حوالين فريسته ومستنى اللحظة
المناسبة اللى ينهش فيه لحمها ..... اللى عمله مش ضرب يا خالد ولا عقاب ، دى كانت
وحشية ما شوفتهاش ولا تخيلتها قبل كده ، حاجه كده شبه الغباوة اللى بتشوفها فى
الافلام اللى على الانترنت ، ضربنى بخرزانة على جسمى كله ، جلدنى بكرباج كان بيقطع
من لحمى ، عمل كل حاجه تتخيلها او ما تتخيلهاش ، ووسط ما انا ششبه غايبة عن الوعى
حسيت اديه بتلمس جسمى بشكل تانى ، حسيته بيستعد للوليمة ،،
وهنا زادت وتيرة دموعها واصبح صوتها مخنوقا
من كثرة ما يدور بداخلها من ألم ، واصلت حديثها وهو يتبين حروفها بصعوبة وهى تقول
" فجأة ايديا اتكتفت ورجليا كمان ،، فجأة اتشدت اى هدوم كانت باقية على جسمى
، وفجأة بدأ يغتصبنى ، من كتر الصدمة ما نطقتش ومن كتر التعب والارهاق بعد عنف
الجلسة حسيت انى بحلم ، لكنه كمل وكمل عمل كل حاجه كان نفسه يعملها فى حد ، فجأة
حسيت قد ايه انا رخيصة ، كنت بالنسبة ليه مجرد دمية من غير روح بيفرغ فيها رغباته
، مش مهم قد ايه بتألم ولا قد ايه بصرخ ، مش مهم ان جسمى كان بينزف من كل مكان ،
عارف يا خالد : لو كنت زمان باتمنى الموت بجد انا دلوقتى لا مش عايزة اموت ، انا
هنتقم
ايوه هنتقم ، علا الضعيفة المكسورة دى راحت
وانتهت ،،، علا هتنتقم من الدنيا كلها
قبل ان يستمع الى كلمة لم يكن ابدا يتوقعها
فى يوم من الأيام وهى تتابع : وأول حد هنتقم منه هو أنت
أنت يا خالد
#يتبع
#شبح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق